األول الباب ّ أ .المقدمة ولقد جرمت التشـريعات الجزائيـة المقارنـة إجهـاض المـرأ ة الحامـل بشـكل عـام وشـددت العقوبـة إذا قـام بهذه الجريمة طبيب أو جراح أو صيدلي أو قابلة أو كيميـائي وعلـة تشـديد العقوبـة بالنسـبة لهـذه الفئـة تكمـن فـي سـهولة ارتكـابهم للجريمـة بسـبب مـا يحـوزوه مـن خبـرة فنيـة وعلميـة وقـدرتهم علـى إخفـاء معالمهـا ممـا يشـجع الحوامل إلى االلتجاء إليهم ،ناهيـك عـن الرغبـة فـي تـوفير الحمايـة الجنائيـة لحـق الجنـين فـي الحيـاة وكـذلك حـق المجتمع في البقاء واالستمرار .وعلــى الــرغم مــن إن المســؤولية الجزائيــة للطبيـب عـن إجهـاض الحوامـل تقـوم باألصـل علــى أساس العمد ،غير إن قيـام الطبيـب بعملـه قـد يـؤدي في بعض األحيان إلى عكس الغاية التـي يتوخاهـا مـا لم يلتـزم باألصـول الفنيـة التـي تفرضـها عليـه ممارسـة مهنـة الطـب ولـم يتخـذ القـدر الضـروري مـن الحيطـة والحــذر فيــؤدي األمــر إلــى إســقاط الجنــين .األمــر الــذي يــؤدي إلــى التســاؤل حــول مــدى مســؤولية الطبيـب الجزائيـة عـن خطئـه غيـر ألعمـدي المـؤدي إلى إجهاض األم الحامل .ولقـــد وقـــع اختيارنـــا للبحـــث فـــي هـــذا الموضـوع ألهميتـه فـي المجتمـع بصـورة عامـة وفـي المجـــال الطبـــي والقـــانوني بصـــورة خاصـــة ،و الن الطبيــب فــي مجتمعاتنــا العربيــة ال يــزال يشــعر بأنــه محصن ضد المسؤولية والعقوبة. 1 1يوسف الشكري" ،المسؤلية لجزائية للطبيب عن إجهاض الحامل" ،جامعة الكوفة ،ص1 . 1 الباب الثاني البحث أ .تغريف اإلجهاض صوره مبرارته مخاطره على األم و المجتمع يعبر علماء الحنفية عن جريمة اإلجهاض بقولهم" :الجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه"؛ ألن الجنين يعدّ نفسا ً من وجه ألنه آدمي ،وال يعدّ كذلك ألنه لم ينفصل عن أُمه .أما جمهور فقهاء اإلسالم فانهم يسمونها" :الجناية على الجنين" ،أو "اإلسقاط" ،أو "اإلجهـاض" ،والتعبير األخير هو اصطالح الشافعية غالبا .وال فرق عند الفقهاء بين معنى الجريمة والجنايةّ ، ، لكن أآثر الفقهاء تعارفوا على إطالق لفظ الجناية على األفعال الواقعة على نفس اإلنسان أو أطرافه ،وهي القتل والقطع والجرح والضرب واإلجهـاض ويتكلم الفقهاء عن هذه االعتداءات تحت عنوان :الجنايات ،أو الجراح ،أو الدماء ،وقد يتكلمون عن اإلجهاض تحت باب الديات ،وأحيانا ً عند حديثهم عن أحكام المولود أو أحكام النساء. 2 اإلجهاض لغة :أجهضت الناقة إجهاضا وهي مجهض أي ألقت ولدها بغير تمام ،عني إسقاط الجنين قبل أوانه ويطلق على الحامل التي أسقطت جنينها وهو إخراج الجنين من الرحم قبل األوان وهو غير قابل للحياة. 2مأمون الرفاعي" ،جريمة األجهاض في التشريع الجنائي األإسالمي ،أؤكانها وعاقبتها" ،مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم االنسانية ) ،مجلد ،2011 ،)5( 25ص.401-1400 . 2 اإلجهاض فقها :هو إنهاء حالة الحمل و القضاء على الجنين؛ قصدا داخل رحم المرأة قبل والدته حيا .وهو إسقاط الجنين ناقص الخلق. اإلجهاض اصطالحا :هو إلقاء الحمل مطلقا؛ سواء كان ناقص الخلق أو ناقص المدة متبين أم ال؛ نفخت فيه الروح أو لم تنفخ؛ قصدا أو بغير قصد . 3 إن جريمة اإلجهاض تشكل خطرا بالغا على األم والمجتمع ،يمكن تلخيصه فيما يلي: خطره على األم :غالبا ما يؤدي اإلجهاض إلى وفاة األم الحامل ،أو انفجار الرحم أو ثقبه أو عفونته أو ً تقيح غشائه ويؤدي أحيانا لتسمم األُم ،والعقم ،والحمل خارج الر حم ،واالضطراب في الحيض ،واإلصابة ببعض األمراض الجنسية ،..إضافة إلى ّ النزيف ،والصدمات العصبية والنفسية ،..لم إذا أنه ما يحدث إسقاط قد يؤدي إلى تشوه الجنين. خطره على المجتمع :الذ ي يتهدده اإلجهاض بنشر الرذيلة ،وإشاعة الفاحشة ،وفتح الباب على مصراعيه لدعاة اإلباحية .كما أنه يخلّف جيالً مصابا باألمراض الجسدية والنفسية واإلجتماعية على مصراعيه لدعاة والذي سيؤثّر بالتأكيد على عدم إستقرارالمجتمع ،..إضافة إلى الخسارة الفادحة التي يمنى بها المجتمع من جراء كثرة ّ 4 الوفيات في صفوف األُمهات واألجنة. ب .موقف الفقهي اإلسالمي جريمة اإلجهاض 3بشيري عبد الرحمان " ،اإلجهاض وصوره المعاصرة بين الفقه اإلسالمي والتشريع الجزائري" ،جامعة زيان عاشور ،ص.14 . 4بوزيان محمد" ،جريمة اإلجهاض بين الشريعة اإلسالمية والتشريع الجزائي" ،جامعة دموالي الطاهر، ص.8 . 3 لقد حاربت الشريعة اإلسالمية من جهة و القانون الجزائري من جهة أخرى الفساد و المنكر ّ و كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالشخص و الجماعة .إن موضوع اإلجهاض خلق الكثير من المشاكل القانونية و اإلجتماعية على الساحة الوطنية و الدولية فهذا الموضوع الخطير يمس باألخالق ولم يعد يقتصر أمره على علماء الطب وإنما نازعهم في ا االختصاص علماء االجتماع و االقتصاد و غيرهم كل حسب اختصاصه. هو إنهاء حالة الحمل عمدا وبال ضرورة قبل األوان ،سواء بإعدام الجنين داخل الرحم أو بإخراجه منه –ولو حيا قبل الموعد الطبيعي لوالدته .والموعد غير الطبيعي للوالدة يمتد ما إلى قبل نهايته الشهر التاسع من بداية الحمل بأسبوعين ،عندها تبدأ آالم الحمل أو توقع ُ ي أن تبدأ ،عادة فما كان ً بعد ذلك بعد ثمانية أشهر ونصف فليس جناية إجهاض. 5 ج .موقف القانوني الوضعي عن جريمة اإلجهاض أ ّما اإلجهاض القانوني فهو عمل عالجي يجيزه القانون عندما تقتضي حماية حياة األم قطع الحمل ،حتى لم ولو يكن 03ضروريا .أ ّما التحريض على اإلجهاض فهو جريمة متميزة يعاقب عليها التحريض بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون .يعرف العالم جارو "اإلجهاض بأنه الطرد المتيسر إراديا المتحصل الرحم .وعرفه سير وليام الفقيه اإلنجليز:إن اإلجهاض هو تدمير متعمد للجنين في الرحم أو أي والدة سابقة ألوانها بقصدها إمانة الجنين. 6 صIbid., 17 . صIbid., 18 . 4 5 6 الباب الثالث االختتام أ .الخالصة نستخلص من كل ما سبق أن اإلجهاض من دون شك من المسائل المعقدة التي تشغل مجتمعات الشرق والغرب ،ويشغل بال المرأة باعتبار أن اإلجهاض يعنيها ،وهي التي تتحمل عبئه ،ويشترك في هذه القضية أهل الفكر ورجال العلم والسياسة ،وعلماء الطب وعلم النفس واالجتماع ،كما أن علماء الدين يشكلون وجه الصدارة ،حيث أنهم يعنون بحياة الروح والجسد ،حياة اإلنسان التي ليس ألحد عليها من سلطة ،إال الذي نفع فيها الروح وهذه الحياة أال وهو هللاا سبحانه وتعالى. ب .االستنباط ولقد تناولنا في الفصل األول ماهية جريمة اإلجهاض التي بين من خاللها تعرضنا للتعريف اللغوي واالصطالحي لجريمة اإلجهاض عند أهل الطب 5 والقانون وكما تطرقنا إلى تميز اإلجهاض عن ما يشابهه من أفعال وذلك لعدم الخلط بين المصطلحات ألن اإلجهاض ليس له تعريف جامع ومانع وبصدد تمييز بين القتل واإلجهاض فقد اعتمدت نهاية مرحلة الجنين وبداية مرحلة الحياة الشخصية المستقلة التي يعتبر فيها اإلنسان موجودا ،كمعيار للتمييز بينهما وكذا بالنسبة لتمييز اإلجهاض عن منع الحمل بحيث يتداخالن في نقطة هامة وهي بداية الحمل وبهذا الصدد فقد اختلفت اآلراء حول تحديد بدء الحمل ،بحيث يرى االتجاه األول أن الحمل يبدأ من لحظة اللقاح بينما يرى الرأي الثاني أن الحمل يبدأ بتمام علوق البويضة الملقحة في جدار الرحم ،وبذلك فإن تحديد بداية الحمل بدقة أمر بالغ األهمية وذلك أن يقوم المشرع ببيان وقت بدء الحمل بنص واضح وصريح ،وذلك ألن الخلط بين اإلجهاض ومنع الحمل بمثابة الخلط بين المشروع وغير مشروع. 6 الباب الرابع مصادر البحث الشكري يوسف " ،المسؤلية لجزائية للطبيب عن إجهاض الحامل" ،جامعة الكوفة. الرفاعي مأمون " ،جريمة األجهاض في التشريع الجنائي األإسالمي ،أؤكانها وعاقبتها" ،مجلة جامعة النجاح لألبحاث (العلوم االنسانية ) ،مجلد 2011 ،)5( 25ز عبد الرحمان بشيري " ،اإلجهاض وصوره المعاصرة بين الفقه اإلسالمي والتشريع الجزائري" ،جامعة زيان عاشور. محمدبوزيا ن " ،جريمة اإلجهاض بين الشريعة اإلسالمية والتشريع الجزائي"، جامعة دموالي الطاهر. 7