Uploaded by Zaky Al Rasyid

حكم سجود السهو على مذهب الإمام الشافعي

advertisement
‫الفهرس‬
‫مقدمة ‪2 ..........................................................................................................‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬تعريف سجود السهو ‪3 ...........................................................................‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬حكم سجود السهو ‪4 ..............................................................................‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬أسباب سجود السهو ‪5 ...........................................................................‬‬
‫السبب األول ‪ :‬ترك مأمور به ‪6 .................................................................................‬‬
‫السبب الثاين ‪ :‬فعل املنهي عنه ‪10 ..............................................................................‬‬
‫السبب الثالث ‪ :‬الشك ‪13 .....................................................................................‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬كيفية سجود السهو‪17 ............................................................................‬‬
‫مسألة ‪ :‬سجود السهو للمأموم و املسبوق ‪20 ...................................................................‬‬
‫املراجع ‪24 ......................................................................................................‬‬
‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫احلمد هلل الذي أرسل رسوله باهلدى ودين احلق ليظهره عىل الدين كله ولو كره الكافرون‪ ،‬ونزل عليه القرآن رشيعة‬
‫حمكمة ‪ ،‬ليخرج الناس من الظلامت إىل النور بإذن رهبم إىل رصاط العزيز احلميد‪.‬‬
‫والصالة والسالم عىل سيدنا حممد بن عبد اهلل‪ ،‬املبعوث يف الناس رسوال من أنفسهم‪ ،‬يتلو عليهم اآليات ويزكيهم‬
‫ويعلمهم الكتاب واحلكمة وان كانوا من قبل لفي ضالل مبني‪ .‬فصلوات اهلل وسالمه عليه وعىل آله املطهرين‬
‫وأصحابه السابقني األولني من املهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم بإحسان من األئمة املجتهدين والعلامء العاملني‬
‫ومن اهتدى هبدهيم اىل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد ‪...‬‬
‫قد ّ‬
‫ّ‬
‫املصّل الساهي‪ ،‬وذلك ما يطلق عليه سجود‬
‫خيل املسلم يف صالته ساهي ًا عنها‪ ،‬ولك ّن ذلك جُيرب بسجدتني يؤ ّدهيام‬
‫أن ذلك ال ّ‬
‫يدل عىل ّ‬
‫السهو‪ ،‬كام ّ‬
‫ّ‬
‫فالسهو من طبيعة اإلنسان‪ ،‬كام‬
‫أن‬
‫املصّل كان جمعرض ًا عن صالته‪ ،‬وعن اخلشوع فيها‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫الرسول ‪ّ -‬‬
‫الرسول ‪-‬عليه الصالة والسالم‪ -‬عندما سها يف صالته‬
‫صىل اهلل عليه وس ّلم‪ -‬سها يف صالته؛ حيث قال ّ‬
‫أن ّ‬
‫يت فذكّروين)‪.1‬‬
‫تنسون‪ ،‬فإذا ن َِس ج‬
‫برش مث جلكم‪ ،‬أنسى كام ْ‬
‫ممّا رواه الصحايب علقمة ريض اهلل عنه‪( :‬إنّام أنا ٌ‬
‫فهذا هو بحث موجز عن حكم سجود السهو عىل مذهب اإلمام حممد بن إدريس الشافعي – رمحه اهلل تعاىل‪ .-‬و قد‬
‫أخذنا أمهات كتب السادة الشافعية مرجعا و مصدرا هلذا البحث‪ .‬و يتضمن هذا البحث من مقدمة و أربعة فصول و‬
‫خامتة‪.‬‬
‫نسأل اهلل عز و جل التوفيق و السداد يف إنجاز هذا البحث املوجز‪ ،‬و أن ُيعل عمّل مقبوال خالص ًا له تعاىل‪.‬‬
‫‪ 1‬صحيح البخاري‪ ،‬يف باب التوجه نحو القبلة حيث كان‪ ،‬رقم ‪401‬‬
‫‪2‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬تعريف سجود السهو‬
‫السهو لغة نسيان اليشء والغفلة عنه‪ .2‬وهو مأخوذ من (سها عنه وفيه سهوا وسهوا وسهوة ) ‪ :‬غفل عنه‪ ،‬وقيل ‪( :‬سها‬
‫فيه) ‪ :‬تركه عن غري علم و(سها عنه)‪ :‬تركه مع العلم‪ ،‬يقال ‪ ":‬سها يف الصالة" نيس شيئا منها و"سها عنها" تركها ومل‬
‫يصل‪ .3‬واملراد هنا الغفلة عن يشء يف الصالة‪.4‬‬
‫وسجود السهو عند الفقهاء‪ :‬هو ما يكون يف آخر الصالة أو بعدها جلرب خلل‪ ،‬برتك بعض مأمور به أو فعل بعض‬
‫منهي عنه دون تعمد (املوسوعة الفقهية ‪.5)234 /24‬‬
‫‪2‬‬
‫مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج ‪427/1‬‬
‫‪3‬‬
‫املعجم الوسيط ‪459/1‬‬
‫‪4‬‬
‫مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج ‪427/1‬‬
‫‪ 5‬معجم املصطلحات واأللفاظ الفقهية ‪247/2‬‬
‫‪3‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬حكم سجود السهو‬
‫حكم سجود السهو ‪ :‬سنة عند حدوث سبب من أسبابه التي سنتحدث عنها‪ ،‬فإن مل يسجد مل تبطل صالته‪ .‬ومل يكن‬
‫واجبا‪ ،‬ألنه مل يرشع لرتك واجب ‪ ،6‬كام سنبني يف الفصل التال‪ .‬قال اخلطيب الرشبيني ‪" :‬وإنام يسن عند ترك مأمور به‬
‫من الصالة أو فعل منهي عنه‪ 7‬فيها ولو بالشك‪".8‬‬
‫أما دليل مرشوعيته ‪:‬‬
‫حدثنا آدم‪ ،‬حدثنا شعبة‪ ،‬عن سعد بن إبراهيم‪ ،‬عن أيب سلمة‪ ،‬عن أيب هريرة ريض اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬صىل بنا النبي صىل‬
‫اهلل عليه وسلم الظهر ‪ -‬أو العرص ‪ -‬فسلم‪ ،‬فقال له ذو اليدين‪ :‬الصالة يا رسول اهلل أنقصت؟ فقال النبي صىل اهلل‬
‫عليه وسلم ألصحابه‪« :‬أحق ما يقول؟» قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فصىل ركعتني أخريني‪ ،‬ثم سجد سجدتني قال سعد‪ :‬ورأيت‬
‫عروة بن الزبري صىل من املغرب ركعتني‪ ،‬فسلم وتكلم‪ ،‬ثم صىل ما بقي وسجد سجدتني‪ ،‬وقال‪( :‬هكذا فعل النبي‬
‫صىل اهلل عليه وسلم)‪ ،9‬وأدلة أخرى تأيت فيام بعد‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫الفقه املنهجي عىل مذهب اإلمام الشافعي رمحه اهلل تعاىل ‪171/1‬‬
‫‪7‬‬
‫أن املراد بالفعل املنهي عنه ما ليس من أفعال الصالة غري مسألة الشك (انظر ‪ :‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج ‪)428/1‬‬
‫‪8‬‬
‫مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج ‪427/1‬‬
‫‪9‬‬
‫صحيح البخاري يف باب إذا سلم يف ركعتني‪ ،‬أو يف ثالث‪ ،‬فسجد سجدتني‪ ،‬مثل سجود الصالة أو أطول‪ ،‬رقم ‪1227‬‬
‫‪4‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬أسباب سجود السهو‬
‫البيان اإلمجال ‪:‬‬
‫أن املرتوك من الصالة ثالثة أشياء ‪ :‬الفرض‪ ،‬ركن من أركان الصالة و سنة من سننها و هيئة من هيئاهتا‪.‬‬
‫• أما الركن ال ينوب عنه سجو جد السهو‪ ،‬بل إن ذكره وهو يف الصالة أتى به ومتت صالته‪ ،‬أو ذكره بعد السالم‬
‫والزمان قريب أتى به‪ ،‬وبنى عليه ما بقي من الصالة‪ ،‬وسجد للسهو‪.‬‬
‫•‬
‫و أما السنة‪ ،‬إن تركها املصّل املستقل‪10‬‬
‫ال يعود إليها بعد التلبس بالفرض بعدها؛ فمن ترك التشهد األول‬
‫مثال فذكره بعد اعتداله مستويا ال يعود إليه؛ فإن عاد إليه عالام حتريمه بطلت صالته‪ ،‬أو ناسيا أنه يف الصالة‬
‫أو جاهال فال تبطل صالته‪ ،‬ويلزمه القيام عند َ‬
‫تذكُّره‪ .‬وإن كان مأموما عاد وجوبا ملتابعة إمامه لكنه يسجد‬
‫األبعاض الستة‪ ،‬وهي‪ :‬التشهد األول‬
‫للسهو عنها يف صورة عدم العود‪ ،‬أو العود ناسيا‪.‬و املراد بالسنة هنا‬
‫َ‬
‫وقعوده‪ ،‬والقنوت يف الصبح ويف آخر الوتر يف النصف الثاين من رمضان‪ ،‬والقيام للقنوت‪ ،‬والصالة عىل‬
‫النبي ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف التشهد األول‪ ،‬والصالة عىل اآلل يف التشهد األخري‪.‬‬
‫• و أما اهليئة كالتسبيحات ونحوها مما ال ُيرب بالسجود ال يعود املصّل إليها بعد تركها‪ ،‬وال يسجد للسهو‬
‫عنها‪ ،‬سواء تركها عمدا أو سهوا‪.‬‬
‫• و أيضا إذا َّ‬
‫شك املصّل يف عدد ما أتى به من الركعات كمن َش َّك هل صىل ثالثا أو أربعا بنى عىل اليقني‪ ،‬وهو‬
‫األقل كالثالثة يف هذا املثال‪ ،‬وأتى بركعة وسجد للسهو‪.11‬‬
‫أما البيان التفصيّل ‪12:‬‬
‫أسباب سجود السهو ثالثة ‪ :‬ترك مأمور به و فعل منهي عنه و الشك‬
‫‪10‬‬
‫سواء كان املصّل إماما أو منفردا‬
‫‪11‬‬
‫‪ :‬فتح القريب املجيب يف رشح ألفاظ التقريب‪ ،‬ص ‪ 131 – 129‬بترصف‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫انظر ‪ :‬منهاج الطالبني وعمدة املفتني يف الفقه ص ‪ ،34-33‬مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج ‪ ،441-427/1‬املنهاج‬
‫القويم ص ‪133- 128‬‬
‫‪5‬‬
‫السبب األول ‪ :‬ترك مأمور به‬
‫• إن كان ركنا وجب تداركه بفعله وال يغني عنه السجود؛ ألن حقيقة الصالة ال توجد بدونه‪.‬‬
‫‪ o‬وقد يرشع مع تداركه السجود كزيادة حصلت بتدارك ركن كام سبق يف ركن الرتتيب وهو الركن‬
‫الثالث عرش من أركان الصالة‪.‬‬
‫‪ o‬وقد ال يرشع السجود بأن ال حتصل زيادة كام إذا ترك النية أو التحريم أو احتمل ذلك فإنه يستأنف‬
‫الصالة وال سجود‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬وما لو كان املرتوك ‪ :‬السالم‪ ،‬فتذكره عن قرب ‪:‬‬
‫▪ ومل ينتقل من موضعه فيسلم من غري سجود‪ ،‬فإن طال الفصل ألن غايته أنه سكوت طويل‪،‬‬
‫وتعمد طول السكوت ال يرض فال يسجد لسهوه ‪ ،‬وأنه ال يبطل عىل الراجح‪،‬‬
‫▪ وقد يقال ‪ :‬يسجد له أخذا مما سيأيت يف تطويل الركن القصري بالسكوت‪ ،‬والصحيح أنه ال‬
‫يسجد‪.‬‬
‫• أو كان املرتوك من املأمور به بعضا وهو سنة‪:‬‬
‫‪ .1‬القنوت الراتب ‪ :‬وهو قنوت الصبح وقنوت الوتر يف النصف الثاين من رمضان دون قنوت النازلة؛ ألنه سنة‬
‫يف الصالة ال بعضها‪ ،‬والكالم فيام هو بعض منها‪ ،‬وترك بعض القنوت كرتك كله‪.‬‬
‫‪ .2‬قيام القنوت الراتب‪ ،‬وإن استلزم تركه ترك القنوت‪.‬‬
‫ولو كان ترك القنوت تبعا إلمامه احلنفي سجد للسهو؛ ألن العربة بعقيدة املأموم عىل األصح‪ .‬خالفا للقفال‬
‫يف عدم السجود‪ ،‬فإنه بناه عىل طريقته من أن العربة بعقيدة اإلمام‪.‬‬
‫‪ .3‬التشهد األول‪ ،‬ألنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬ترك التشهد األول من الظهر ناسيا وسجد قبل أن يسلم‪ ،‬رواه‬
‫الشيخان‪.13‬‬
‫‪13‬‬
‫حديث أيب هريرة عن قصة ذي اليدين كام مر ذكره‬
‫‪6‬‬
‫‪ .4‬قعود التشهد األول‪ ،‬وإن استلزم تركه ترك التشهد؛ ألن السجود إذا رشع لرتك التشهد رشع لرتك جلوسه‪،‬‬
‫ويتصور تركه وترك قيام القنوت بأن ال حيسن التشهد أو القنوت‪ ،‬فإنه يسن له أن ُيلس أو يقف بقدره‪ ،‬فإذا‬
‫مل يفعل سجد للسهو‪.‬‬
‫‪ .5‬الصالة عىل النبي ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم – بعد التشهد األول يف األظهر‪ ،‬بناء عىل األظهر أهنا سنة فيه‪،‬‬
‫والقول الثاين‪ :‬ال يسجد لرتك الصالة عىل النبي ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬بناء عىل عدم استحباهبا فيه‪ ،‬وقيس‬
‫بالنسيان يف ذلك العمد بجامع اخللل بل خلل العمد أكثر‪ ،‬فكان للجرب أحوج‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬إن ترك الصالة عىل النبي عمدا فال يسجد لتقصريه بتفويت السنة عىل نفسه والنايس معذور فناسب‬
‫أن يرشع له اجلرب‪.‬‬
‫‪ .6‬الصالة عىل اآلل بعد التشهد األخري عىل األصح‪ ،‬وبعد األول عىل وجه‪ ،‬وكذا بعد القنوت؛ ألهنا سنة فيه‬
‫عىل الصحيح‪.‬‬
‫‪ .7‬الصالة عىل النبي ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف القنوت كام جزم به ابن الفركاح‪ ،‬ويسجد أيضا لرتك القعود‬
‫للصالة عىل النبي ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬بعد التشهد ولرتك القعود لألول ولرتك القيام للصالة عىل النبي‬
‫ صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬بعد القنوت ولرتك القيام لآلل‪ ،‬ويتصور ترك الصالة عىل اآلل يف التشهد األخري‬‫بأن يتيقن ترك إمامه هلا بعد سالمه‪ ،‬وقبل أن يسلم هو‪.‬‬
‫وسميت هذه السنن أبعاضا لقرهبا باجلرب بالسجود من األبعاض احلقيقية و هي األركان‪.‬‬
‫وال جترب غري هذه األبعاض أي اهليئات كأذكار الركوع والسجود وقنوت النازلة إذا تركت بالسجود لعدم وروده فيها‪،‬‬
‫ألن سجود السهو زيادة يف الصالة فال ُيوز إال بتوقيف‪ ،‬فلو فعل سجود السهو ليشء من ذلك و كان ظانا جوازه‬
‫بطلت صالته إال أن يكون قريب عهد باإلسالم أو بعيدا عن العلامء‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو ترك املصّل التشهد األول ‪:‬‬
‫• لو ترك املصّل التشهد األول سهوا‬
‫‪7‬‬
‫ولو نيس التشهد األول مع قعوده أو وحده أو قعوده وحده فيام إذا مل حيسن التشهد‪ ،‬فذكره بعد انتصابه‬
‫فيحرم عليه العود؛ ألنه تلبس بفرض فال يقطعه لِ جسنة‪ .‬فإن عاد عامدا عالام بتحريمه بطلت صالته؛ ألنه زاد‬
‫قعودا عمدا‪ ،‬وقيل ‪ُ :‬يوز له العود ما مل يرشع يف القراءة أو عاد له و كان ناسيا بأنه يف صالة فال تبطل لعذره‬
‫ويلزمه القيام عند تذكره ويسجد للسهو ألنه زاد جلوسا وترك تشهدا أو كان جاهال بتحريم العود فكذا ال‬
‫تبطل يف األصح كالنايس؛ ألنه مما خيفى عىل العوام ويلزمه القيام عند العلم ويسجد للسهو‪ .‬والقول الثاين‪:‬‬
‫تبطل لتقصريه برتك التعلم وهذا اخلالف يف املنفرد واإلمام‪.‬‬
‫وأما املأموم فال ُيوز له أن يتخلف عن إمامه للتشهد فإن ختلف بطلت صالته لفحش املخالفة‪ .‬فقول بعض‬
‫املتأخرين من أنه لو جلس إمامه لالسرتاحة فاألوجه أن له التخلف ليتشهد إذا حلقه يف قيامه ألنه حينئذ مل‬
‫حيدث جلوسا فمحل بطالهنا إذا مل ُيلس إمامه ممنوع؛ ألن جلوس االسرتاحة هنا غري مطلوب‬
‫‪ o‬ولو قعد املأموم فانتصب اإلمام ثم عاد قبل قيام املأموم حرم قعوده معه لوجوب القيام عليه‬
‫بانتصاب اإلمام‬
‫‪ o‬ولو انتصبا معا ثم عاد اإلمام مل يعد املأموم ألنه إما خمطئ به فال يوافقه يف اخلطإ‪ ،‬أو عامد فصالته‬
‫باطلة‪ ،‬بل يفارقه أو ينتظره محال عىل أنه عاد ناسيا‪،‬‬
‫▪ فإن عاد معه عامدا عالام بالتحريم بطلت صالته و أما إذا كان عاد ناسيا أو جاهال فال‬
‫تبطل‪.‬‬
‫▪ وللمأموم إذا انتصب ناسيا وجلس إمامه للتشهد األول أو هنضا سهوا معا‪ ،‬ولكن تذكر‬
‫اإلمام فعاد قبل انتصابه وانتصب املأموم العود ملتابعة إمامه يف األصح ؛ ألن املتابعة فرض‬
‫فرجوعه رجوع إىل فرض ال إىل سنة‪ .‬والقول الثاين ‪ :‬ليس له العود بل ينتظر إمامه قائام ألنه‬
‫متلبس بفرض وليس فيام فعله إال التقدم عىل اإلمام بركن ‪ .‬و اإلمام النووي‪ :‬األصح‬
‫وجوب العود ‪-‬واهلل أعلم‪ ،-‬ألن املتابعة آكد مما ذكروه من التلبس بالفرض‪ ،‬وهلذا سقط‬
‫هبا القيام والقراءة عن املسبوق‪ ،‬فإن مل يعد بطلت صالته إذا مل ينو املفارقة‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫▪ أما إذا تعمد الرتك فال يلزمه العود‪- ،‬وإن كان ظاهر كالم النووي وجوبه‪ ،‬بل يسن كام‬
‫رجحه يف التحقيق وغريه‪ ،‬وإن رصح اإلمام بتحريمه حينئذ ‪ ،-‬و ذلك ألن العامد‬
‫كاملفوت لتلك السنة بتعمده فال يلزمه العود إليها‪ ،‬ولو ركع قبل إمامه ناسيا ختري بني العود‬
‫واالنتظار‪ ،‬ويفارق ما مر من أنه يلزمه العود فيام لو قام ناسيا بفحش املخالفة ثم فيقيد فرق‬
‫الزركيش بذلك‪ ،‬أو عامدا سن له العود‪ ،‬ولو ظن املصّل قاعدا أنه تشهد التشهد األول‬
‫فافتتح القراءة للثالثة مل يعد إىل قراءة التشهد‪ ،‬وإن سبقه لسانه بالقراءة وهو ذاكر أنه مل‬
‫يتشهد جاز له العود إىل قراءة التشهد؛ ألن تعمد القراءة كتعمد القيام‪ ،‬وسبق اللسان إليها‬
‫غري معتد به‬
‫ولو تذكر املصّل التشهد األول قبل انتصابه ‪-‬أي قبل استوائه معتدال ‪ -‬عاد للتشهد الذي نسيه ؛ ألنه مل‬
‫يتلبس بفرض؛‬
‫‪ o‬ويسجد للسهو إن كان صار إىل القيام أقرب منه إىل القعود؛ ألنه أتى بفعل غري به نظم الصالة‪ ،‬ولو‬
‫أتى به عمدا يف غري موضعه بطلت صالته كام سيأيت‪ ،‬فالسجود للنهوض مع العود‪ ،‬ال للنهوض‬
‫فقط خالفا لإلسنوي يف قوله "إنه للنهوض ال للعود"؛ ألنه مأمور به‪.‬‬
‫‪ o‬أما إذا كان إىل القعود أقرب أو عىل السواء فال يسجد لسهوه لقلة ما فعله حينئذ‪ ،‬وهذا التفصيل هو‬
‫املعتمد‪ .‬وقال النووي يف املجموع‪ :‬إنه األصح عند اجلمهور‪ ،‬وأطلق يف تصحيح التنبيه تصحيحه‪.‬‬
‫• لو ترك املصّل التشهد األول عمدا‬
‫ولو هنض عمدا‪ ،‬أي قصد ترك التشهد األول فعاد له عمدا بطلت صالته إن كان فيها إىل القيام أقرب من‬
‫القعود؛ ألنه زاد يف صالته عمدا ما لو وقع منه سهوا جربه بالسجود فكان مبطال‬
‫مسألة ‪ :‬ولو نيس قنوتا فذكره يف سجوده مل يعد له لتلبسه بفرض أو قبله بأن مل يضع مجيع أعضاء السجود حتى لو‬
‫وضع اجلبهة فقط أو مع بعض أعضاء السجود عاد‪ ،‬أي جاز العود لعدم التلبس بالفرض‪ .‬ويسجد للسهو إن بلغ حد‬
‫‪9‬‬
‫الراكع‪ ،‬أي أقل الركوع يف هويه ألنه زاد ركوعا سهوا‪ ،‬والعمد به مبطل بخالف ما إذا مل يبلغه فال يسجد‪ ،‬ولو تركه‬
‫عمدا فكرتك التشهد‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو تشهد سهوا يف الركعة األوىل أو ثالثة الرباعية أو قعد سهوا بعد اعتداله من أوىل أو غريها وأتى بتشهد أو‬
‫بعضه أو جلس السرتاحة أو بعد اعتدال سهوا بال تشهد فوق جلسة االسرتاحة ثم تذكر تدارك ما عليه وسجد‬
‫للسهو‪ ،‬و ذلك ألنه إذا وقع يف الركعة األخرية فلزيادة قعود طويل‪ ،‬و إذا وقع يف غريها فلزيادة قعود طويل أو لنقل‬
‫ركن قول أو بعضه‪ .‬فإن كانت اجللسة يف الركعة األخرية كجلسة االسرتاحة فال سجود؛ ألن عمدها مطلوب أو‬
‫مغتفر‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو نيس هل ركع أم ال؟‬
‫• لو نيس هل ركع أم ال ؟و مكث يف السجود وأطال ‪ ،‬بطلت صالته‪ .‬و أما إذا تذكر هل سجد السجدة األوىل‬
‫أو ال؟ مل تبطل وإن طال‪ ،‬ألنه ال يلزمه ترك السجود يف هذه بخالفه يف تلك‪ .‬فلو قعد يف هذه من سجدته‬
‫وتذكر أهنا الثانية‪ ،‬وكان يف الركعة األخرية فتشهد‪ .‬قال البغوي يف فتاويه‪ :‬إن كان قعوده عىل الشك فوق‬
‫القعود بني السجدتني بطلت صالته؛ ألن عليه أن يعود إىل السجود وإال فال تبطل وال يسجد للسهو‪.‬‬
‫• ولو سجد ثم ذكر يف سجوده أنه مل يركع لزمه أن يقوم ثم يركع‪ ،‬وال يكفيه أن يقوم راكعا ألنه قصد بالركوع‬
‫غريه‪ ،‬ولو قام إىل الركعة اخلامسة يف الصالة الرباعية ناسيا ثم تذكر قبل جلوسه عاد إىل اجللوس‪ ،‬فإن كان قد‬
‫تشهد يف الرابعة أو مل يتذكر حتى قرأه يف اخلامسة أجزأه‪ ،‬ولو ظنه التشهد األول كام مر ثم يسجد للسهو‬
‫ويسلم‪ ،‬وإن كان مل يتشهد أتى بالتشهد األخري ثم سجد للسهو وسلم‪.‬‬
‫السبب الثاين ‪ :‬فعل املنهي عنه‬
‫قال اخلطيب الرشبيني ‪ :‬أن املراد بالفعل املنهي عنه ما ليس من أفعال الصالة غري مسألة الشك‪14‬‬
‫‪14‬‬
‫مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج ‪428/1‬‬
‫‪10‬‬
‫• إن مل يبطل عمده الصالة كااللتفات واخلطوتني‪ ،‬مل يسجد لسهوه أو لعمده كام ذكر النووي يف التحقيق‬
‫واملجموع لعدم ورود السجود له‪ ،‬وألن عمده يف حمل العفو فسهوه أوىل‬
‫• وإن أبطل عمده الصالة كركعة زائدة أو ركوع أو سجود أو قليل أكل أو كالم‪ ،‬سجد لسهوه ‪،‬‬
‫‪ o‬و ذلك إن مل تبطل الصالة بسهوه كاألمثلة املذكورة؛ ألنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪« -‬صىل الظهر‬
‫مخسا ثم سجد للسهو» متفق عليه‪ 15‬ويقاس غري ذلك عليه‪ .‬و من األمثلة ‪:‬‬
‫▪‬
‫تطويل الركن القصري بسكوت أو ذكر يف األصح‪ ،‬ألن تطويله تغيري لوضعه كام لو قرص‬
‫الطويل فلم يتم الواجب‪ .‬قال اإلمام احلرمني‪ :‬وألن تطويله خيل باملواالة فيسجد لسهوه‬
‫قطعا‪ ،‬والقول الثاين ‪ :‬ال يبطل عمده لام رواه مسلم عن أنس قال «كان رسول اهلل ‪ -‬صىل‬
‫اهلل عليه وسلم ‪ -‬إذا قال سمع اهلل ملن محده قام حتى يقول القائل قد نيس»‪ 16‬وعىل هذا‬
‫ففي سجود السهو وجهان أصحهام نعم‪.‬‬
‫• فاالعتدال قصري ألنه للفصل بني الركوع والسجود‪ ،‬واختار النووي من حيث‬
‫الدليل جواز تطويل كل اعتدال بذكر غري ركن ‪ .‬أما تطويله بمرشوع كقنوت يف‬
‫موضعه أو تسبيح يف صالة التسبيح اآليت بياهنا يف صالة النفل فال يبطل الصالة‬
‫لوروده‪.‬‬
‫• اجللوس بني السجدتني ركن قصري يف األصح‪ ،‬ألنه للفصل بينهام فهو كاالعتدال‬
‫بل أوىل؛ ألن الذكر املرشوع فيه أقرص من املرشوع يف االعتدال‪ ،‬والقول الثاين ‪:‬‬
‫‪15‬‬
‫حدثنا أبو الوليد‪ ،‬حدثنا شعبة‪ ،‬عن احلكم‪ ،‬عن إبراهيم‪ ،‬عن علقمة‪ ،‬عن عبد اهلل ريض اهلل عنه‪ :‬أن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‬
‫صىل الظهر مخسا‪ ،‬فقيل له‪ :‬أزيد يف الصالة؟ فقال‪« :‬وما ذاك؟» قال‪ :‬صليت مخسا‪ ،‬فسجد سجدتني بعد ما سلم‪( .‬صحيح البخاري‪ ،‬يف‬
‫باب إذا صىل مخسا‪ ،‬رقم ‪)1226‬‬
‫‪16‬‬
‫وحدثني أبو بكر بن نافع العبدي‪ ،‬حدثنا هبز‪ ،‬حدثنا محاد‪ ،‬أخربنا ثابت‪ ،‬عن أنس‪ ،‬قال‪ :‬ما صليت خلف أحد أوجز صالة من صالة‬
‫رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يف متام‪ ،‬كانت صالة رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم متقاربة‪ ،‬وكانت صالة أيب بكر متقاربة‪ ،‬فلام كان‬
‫عمر بن اخلطاب مد يف صالة الفجر‪ ،‬وكان رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬إذا قال‪« :‬سمع اهلل ملن محده» قام‪ ،‬حتى نقول قد أوهم‪ ،‬ثم‬
‫يسجد ويقعد بني السجدتني حتى نقول قد أوهم‪( .‬صحيح مسلم‪ ،‬يف باب الطمئنينة يف الصالة‪ ،‬رقم ‪)196‬‬
‫‪11‬‬
‫أنه طويل؛ ألن يف صحيح مسلم ما يقتيض إطالته بالذكر‪ .‬ومقدار التطويل كام نقله‬
‫اخلوارزمي عن األصحاب أن يلحق االعتدال بالقيام للقراءة‪ ،‬واجللوس بني‬
‫السجدتني باجللوس للتشهد‪ ،‬واملراد قراءة الواجب فقط ال قراءته مع املندوب‪.‬‬
‫▪ نقل ركنا قوليا غري سالم وتكبرية إحرام أو بعضه إىل الركن طويل كقراءة الفاحتة أو بعضها‬
‫يف نحو ركوع كسجود أو جلوس تشهد أو نقل تشهدا أو بعضه يف نحو قيام كركوع يف‬
‫األصح‪ ،‬ألنه ال خيل بصورهتا بخالف نقل الركن الفعّل‪ .‬والقول الثاين‪ :‬تبطل كنقل الركن‬
‫الفعّل‪.‬‬
‫• أما نقل السالم فيبطل عمده الصالة وكذا تكبرية اإلحرام‪ .‬وأما نقل ذلك إىل ركن‬
‫قصري‪ ،‬فإن طوله فبطل وإال ففيه اخلالف و عىل األصح يسجد لسهوه ولعمده كام‬
‫يف املجموع يف األصح‪ ،‬لرتك التحفظ املأمور به‪ .‬والقول الثاين‪ :‬ال كغريه مما ال‬
‫يبطل عمده‪ .‬وعىل األصح تستثنى هذه الصورة من قاعدة ‪" :‬ما ال يبطل عمده ال‬
‫سجود لسهوه"‪ ،‬واستثنى أيضا مسائل منها‪:‬‬
‫• ما لو قنت عمدا أو سهوا قبل الركوع بنية القنوت مل حيسب بل يعيده يف اعتداله‬
‫ويسجد للسهو‪ ،‬فإن أتى به ال بنية القنوت مل يسجد‪.‬‬
‫• ما لو قرأ غري الفاحتة كسورة اإلخالص عمدا أو سهوا يف غري حمل القراءة‪ ،‬فإنه‬
‫يسجد للسهو كام يف املجموع بخالف ما لو قرأها قبل الفاحتة فإنه ال يسجد‪.‬‬
‫• ما إذا قلنا باختصاص القنوت بالنصف الثاين من رمضان وهو الصحيح‪ ،‬فإذا‬
‫قنت يف غريه سجد للسهو‪ ،‬ولو تعمده مل تبطل صالته لكنه مكروه‪.‬‬
‫• ما لو فرقهم يف اخلوف أربع فرق وصىل بكل فرقة ركعة أو فرقتني وصىل بإحدامها‬
‫ثالثا‪ ،‬فإنه ُيوز عىل املشهور‪ ،‬لكنه يكره ويسجد للسهو للمخالفة باالنتظار يف‬
‫غري موضعه‪.‬‬
‫• ما إذا زاد القارص ركعتني سهوا‪ ،‬فإنه يسجد مع أنه ُيوز له زيادهتام‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪ o‬أما إذا أبطل سهوه ككالم كثري يف األصح وأكل كثري وفعل كثري كثالث خطوات والء فال سجود‬
‫فإنه ليس يف الصالة‪ .‬واملعتمد يف فصل االستقبال أن مستقبل القبلة يف السفر إذا انحرف عن طريقه‬
‫إىل غري القبلة ناسيا وعاد عن قرب أنه يسجد للسهو كام صححه الرافعي يف الرشح الصغري وجزم به‬
‫ابن املقري يف روضه واعتمده الشيخ شهاب الدين الرمّل؛ ألن عمده مبطل فيسجد لسهوه‪.‬‬
‫ويستثنى من ذلك ما لو سجد ثم سها قبل سالمه مل يسجد يف األصح‪ ،‬فلو سجد عمدا بطلت‬
‫صالته أو سهوا فال تبطل ومع ذلك ال يسجد للسهو ‪.‬‬
‫السبب الثالث ‪ :‬الشك‬
‫• ولو شك يف ترك بعض السنن كقنوت‪ ،‬سجد للسهو ألن األصل عدم الفعل‪ ،‬بخالف الشك يف ترك مندوب‬
‫يف اجلملة؛ ألن املندوب قد ال يقتيض السجود‪ ،‬وبخالف الشك يف ترك بعض مبهم كأن شك يف املرتوك هل‬
‫هو بعض أو ال؟ و ذلك لضعفه باإلهبام‪ ،‬وهبذا علم أن للتقييد باملعني معنى‪ ،‬خالفا ملن زعم خالفه فجعل‬
‫املبهم كاملعني‪ ،‬وإنام يكون كاملعني فيام إذا علم أنه ترك بعضا وشك هل هو قنوت مثال أو تشهد أول أو غريه‬
‫من األبعاض؟ فإنه يف هذه يسجد لعلمه بمقتىض السجود‪.‬‬
‫• شك يف ارتكاب منهي عنه وإن أبطل عمده ككالم قليل فال يسجد؛ ألن األصل عدمه‬
‫• ولو سها وشك هل سها باألول أو بالثاين‪ ،‬سجد لتيقن مقتضيه‬
‫• ولو سها وشك ‪ -‬أي تردد ‪ -‬هل سجد للسهو أو ال؟ فليسجد ألن األصل عدمه‪ ،‬أو هل سجد واحدة أو‬
‫اثنتني؟ سجد أخرى‪.‬‬
‫• ولو شك يف رباعية‪َ ،‬أصىل ثالثا أم أربعا؟ أتى بركعة ألن األصل عدم فعلها وسجد للسهو للرتدد يف زيادهتا‪،‬‬
‫وال يرجع يف فعلها إىل ظنه وال إىل قول غريه وإن كان مجعا كثريا ألنه تردد يف فعل نفسه‪ ،‬فال يأخذ بقول غريه‬
‫فيه كاحلاكم إذا نيس حكمه ال يأخذ بقول الشهود عليه‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬راجع الصحابة ثم عاد للصالة يف خرب ذي اليدين‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫أجيب ‪ :‬بأن ذلك حممول عىل تذكره بعد مراجعته‪ .‬قال الزركيش‪ :‬وينبغي ختصيص ذلك بام إذا مل يبلغوا حد‬
‫التواتر وهو بحث حسن‪ ،‬وينبغي أنه إذا صىل يف مجاعة وصلوا إىل هذا احلد أنه يكتفي بفعلهم واألصل يف‬
‫ذلك خرب مسلم « إذا شك أحدكم يف صالته‪ ،‬فلم يدر كم صىل ثالثا أم أربعا‪ ،‬فليطرح الشك وليبن عىل ما‬
‫استيقن‪ ،‬ثم يسجد سجدتني قبل أن يسلم‪ ،‬فإن كان صىل مخسا شفعن له صالته ‪ »17‬أي ‪ :‬ردهتا السجدتان‬
‫إىل األربع‪ ،‬وحيذفان الزيادة ألهنام جابران اخللل احلاصل من النقصان تارة ومن الزيادة تارة أخرى‪ ،‬ال أهنام‬
‫يصرياهنا ستا‪ ،‬وإن كان صىل إمتاما ألربع كانتا رغام للشيطان‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو كان زال الشك قبل السالم‬
‫‪ o‬واألصح ‪ :‬أنه يسجد وإن زال شكه قبل سالمه بأن تذكر أهنا رابعة لفعلها مع الرتدد‪.‬‬
‫‪ o‬القول الثاين‪ :‬ال يسجد‪ ،‬إذ ال عربة بالرتدد بعد زواله‪.‬‬
‫وكذلك حكم ما يصليه مرتددا واحتمل كونه زائدا أنه يسجد للرتدد يف زيادته‪.‬‬
‫وإن زال شكه قبل سالمه وال يسجد لام ُيب بكل حال إذا زال شكه‪ ،‬مثاله شك يف رباعية يف الركعة الثالثة يف‬
‫نفس األمر أثالثة هي أم رابعة فتذكر فيها أهنا الركعة الثالثة‪ ،‬أي تبني له األمر بعد ذلك قبل أن يقوم إىل الرابعة‬
‫مل يسجد ألن ما فعله ههنا مع الرتدد ال بد منه‪.‬‬
‫وإن تذكر يف الركعة الرابعة بأن مل يتذكر ذلك فيام قبلها‪ ،‬بل استمر تردده املتقدم يف الثالثة حتى قام إىل ركعة يف‬
‫نفس األمر رابعة‪ ،‬وهو إنام قام إليها احتياطا مع احتامل أهنا خامسة ثم زال تردده يف الرابعة أهنا رابعة سجد‪،‬‬
‫لرتدده حال قيامه إىل الرابعة هل هي رابعة أو خامسة‪ ،‬فقد أتى بزائد عىل تقدير دون تقدير‪ ،‬وإنام اقتىض الرتدد‬
‫يف زيادهتا السجود ألهنا إن كانت زائدة فظاهر‪ ،‬وإال فالرتدد يضعف النية وحيوج إىل اجلرب‪ .‬أن السجود إنام‬
‫يكون للرتدد الطارئ يف الصالة ال للسابق عليها‬
‫• ولو شك بعد السالم يف ترك فرض‬
‫‪ o‬غري النية وتكبرية اإلحرام؛‬
‫‪17‬‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬يف باب السهو يف الصالة والسجود له‪ ،‬رقم ‪571‬‬
‫‪14‬‬
‫▪ املشهور ‪ :‬مل يؤثر وإن قرص الفصل‪ ،‬ألن الظاهر وقوعه عن متام‪ ،‬وألنه لو أثر لعرس عىل‬
‫الناس خصوصا عىل ذوي الوسواس‪.‬‬
‫▪ القول الثاين‪ :‬يؤثر؛ ألن األصل عدم فعله فيبني عىل اليقني ويسجد كام يف صلب الصالة إن‬
‫مل يطل الفصل‪ ،‬فإن طال استأنف‪.‬‬
‫‪ o‬أما إذا شك يف النية أو تكبرية اإلحرام فإنه تلزمه اإلعادة‪ ،‬وكذا لو شك يف أنه هل نوى الفرض أو‬
‫النفل كام لو شك هل صىل أم ال‪،‬‬
‫تنبيه ‪:‬‬
‫ ال خيفى أن مرادهم بالسالم الذي ال يؤثر بعده الشك سالم ال حيصل بعده عود إىل الصالة‪،‬‬‫بخالف غريه؛ فلو سلم ناسيا لسجود السهو ثم عاد وشك يف ترك ركن لزمه تداركه ‪،‬‬
‫ وخرج بالشك ‪ :‬العلم؛ فلو تذكر بعده أنه ترك ركنا بنى عىل ما فعله إن مل يطل الفصل ومل يطأ‬‫نجاسة وإن تكلم قليال واستدبر القبلة وخرج من املسجد‪.‬‬
‫ وتفارق هذه األمور وطء النجاسة باحتامهلا يف الصالة يف اجلملة‬‫ واملرجع يف طوله وقرصه إىل العرف‪ .‬وقيل‪ :‬يعترب القرص بالقدر الذي نقل عن النبي ‪ -‬صىل اهلل‬‫عليه وسلم ‪ -‬يف خرب ذي اليدين‪ ،‬والطول بام زاد عليه‪ ،‬واملنقول يف اخلرب «أنه قام ومىض إىل‬
‫ناحية املسجد‪ ،‬وراجع ذي اليدين وسأل الصحابة فأجابوه»‪18‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو نيس من صالته ركنا وسلم منها بعد فراغها ثم أحرم عقبها بأخرى مل تنعقد ألنه حمرم باألوىل‪ ،‬فإن ذكر قبل‬
‫طول الفصل بني السالم وتيقن الرتك بنى عىل األول‪ ،‬وإن ختلل كالم يسري وال يعتد بام أتى به من الثانية‪ ،‬أو بعد طوله‬
‫‪ 18‬حدثنا آدم‪ ،‬حدثنا شعبة‪ ،‬عن سعد بن إبراهيم‪ ،‬عن أيب سلمة‪ ،‬عن أيب هريرة ريض اهلل عنه‪ ،‬قال‪ :‬صىل بنا النبي صىل اهلل عليه وسلم‬
‫الظهر ‪ -‬أو العرص ‪ -‬فسلم‪ ،‬فقال له ذو اليدين‪ :‬الصالة يا رسول اهلل أنقصت؟ فقال النبي صىل اهلل عليه وسلم ألصحابه‪« :‬أحق ما‬
‫يقول؟» قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فصىل ركعتني أخريني‪ ،‬ثم سجد سجدتني قال سعد‪ :‬ورأيت عروة بن الزبري صىل من املغرب ركعتني‪ ،‬فسلم وتكلم‪،‬‬
‫ثم صىل ما بقي وسجد سجدتني‪ ،‬وقال‪( :‬هكذا فعل النبي صىل اهلل عليه وسلم) – ( صحيح البخاري يف باب إذا سلم يف ركعتني‪ ،‬أو يف‬
‫ثالث‪ ،‬فسجد سجدتني‪ ،‬مثل سجود الصالة أو أطول‪ ،‬رقم ‪) 1227‬‬
‫‪15‬‬
‫استأنفها لبطالهنا بطول الفصل‪ ،‬فإن أحرم باألخرى بعد طول الفصل انعقدت الثانية لبطالن األوىل بطول الفصل‬
‫وأعاد األوىل‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو صىل اجلمعة أربعا ناسيا أو أحرم بمقصورة فأمتها ناسيا‪ ،‬ونيس من كل ركعة من كل منهام سجدة حصلت‬
‫له الركعتان ويسجد للسهو؛ وال يلزمه يف الثانية اإلمتام ألنه مل ينوه‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو ظن أنه سها برتك قنوت مثال فسجد ثم بان قبل السالم أنه سها بغريه أجزأه‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو رشع يف الظهر ثم ظن يف الركعة الثانية أنه يف العرص ثم يف الثالثة أنه يف الظهر مل يرض كام ذكره البغوي‬
‫والعمراين‪ .‬قال الزركيش‪ :‬وقياسه أنه لو أحرم بالعشاء قضاء ثم ظن يف الركعة األوىل أنه يف الصبح ويف الثانية أنه يف‬
‫الظهر ويف الثالثة أنه يف العرص‪ ،‬ويف الرابعة أنه يف املغرب ثم تذكر قبل السالم أنه يف العشاء مل يرضه‪ ،‬وهو نظري ما لو‬
‫نوى أن يصوم غدا يظنه أنه يوم االثنني فكان السبت صحت نيته وصومه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو دخل يف الصالة وظن أنه مل يكرب لإلحرام فاستأنف الصالة‪ ،‬فإن علم بعد فراغ الصالة الثانية أنه كان كرب‬
‫متت هبا األوىل أو علم قبله بنى عىل األوىل وسجد للسهو يف احلالني ألنه أتى ناسيا بام لو فعله عامدا بطلت صالته وهو‬
‫اإلحرام الثاين‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬كيفية سجود السهو‬
‫سجود السهو سجدتان كسجدات الصالة‪ ،‬ينوي هبام املصّل سجود السهو‪ ،‬وحمله آخر صالته قبل السالم؛ فلو سلم‬
‫املصّل قبل السجود عامدا أو ناسيا وطال الفصل؛ فات السجود‪ ،‬وإال بأن قرص الفصل فله أن يتدارك السجود بأن‬
‫يسجد مرتني بنية السهو ثم يسلم مرة أخرى‪.19‬‬
‫البيان التفصيّل ‪:‬‬
‫عدد سجدة يف سجود السهو ‪ :‬سجود السهو وإن كثر السهو سجدتان القتصاره ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬عليهام يف‬
‫قصة ذي اليدين مع تعدده‪ ،‬فإنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬سلم من اثنتني وتكلم ومشى‪ .‬ولو أحرم منفردا برباعية‬
‫وأتى منها بركعة وسها فيها ثم اقتدى بمسافر قارص فسها إمامه ومل يسجد ثم أتى هو بالرابعة بعد إسالمه فسها فيها‬
‫كفاه للجميع سجدتان ومها للجميع أو لام نواه منه‪ ،‬ويكون تاركا لسجود الباقي يف الثانية‪.‬‬
‫وقضية كونه سجدتني أنه لو سجد واحدة بطلت صالته‪ ،‬وهو ما حكي عن ابن الرفعة‪ ،‬لكن جزم القفال يف فتاويه‬
‫بأهنا ال تبطل‪ ،‬وهو مقتىض تعليل الرافعي اآليت فيام لو هوى لسجود تالوة ثم بدا له فرتكه بأنه مسنون فله أن ال يتمه‬
‫كام له أن ال يرشع فيه‪ .‬قال شيخ اإلسالم زكريا األنصاري‪ :‬وقد حيمل كالم ابن الرفعة عىل ما إذا قصد سجدة ابتداء‪،‬‬
‫وكالم القفال عىل ما إذا قصد االقتصار عليها بعد فعلها بقرينة كالم الرافعي‪ .‬اهـ‪.‬وهو مجع حسن‬
‫كيفية سجود السهو ‪ :‬كيفيتهام كسجود الصالة يف واجباته ومندوباته كوضع اجلبهة والطمأنينة والتحامل والتنكيس‬
‫واالفرتاش يف اجللوس بينهام والتورك بعدمها‪ ،‬ويأيت بذكر سجود الصالة فيهام‪ .‬وحكى بعضهم أنه يندب أن يقول‬
‫فيهام‪" :‬سبحان من ال ينام وال يسهو"‪ ،‬قال الرافعي و النووي‪ :‬وهو الئق باحلال‪ .‬قال الزركيش‪ :‬إنام يتم إذا مل يتعمد ما‬
‫يقتيض السجود‪ ،‬فإن تعمده فليس ذلك الئقا‪ ،‬بل الالئق االستغفار‪ .‬قال األذرعي وسكتوا عن الذكر بينهام‪ ،‬والظاهر‬
‫أنه كالذكر بني سجديت صلب الصالة‪ ،‬فإن سجد ومل يأت بالرشوط‪.‬‬
‫‪ 19‬الفقه املنهجي عىل مذهب اإلمام الشافعي رمحه اهلل تعاىل ‪173/1‬‬
‫‪17‬‬
‫حمل سجود السهو ‪ :‬واجلديد أن حمله بني تشهده وسالمه‪ 20‬وذلك خلرب مسلم السابق‪« ،‬وألنه ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم‬
‫ صىل هبم الظهر فقام من األوليني ومل ُيلس فقام الناس معه حتى إذا قىض الصالة وانتظر الناس تسليمه كرب وهو‬‫جالس فسجد سجدتني قبل أن يسلم ثم سلم»‪ 21‬رواه الشيخان‪ .‬قال الزهري‪ :‬وفعله قبل السالم هو آخر األمرين‬
‫من فعله ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬وألنه ملصلحة الصالة فكان قبل السالم كام لو نيس سجدة منها‪ .‬وأجاب الذين‬
‫قالوا أن سجود السهو بعد السالم ‪ :‬أن خرب ذي اليدين مل يكن عن قصد مع أنه مل يرد لبيان حكم سجود السهو سواء‬
‫أكان السهو بزيادة أم بنقص أم هبام‪ ،‬ومقابل اجلديد قديامن‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬أنه إن سها بنقص سجد قبل السالم أو بزيادة فبعده‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬أنه خمري بني التقديم والتأخري لثبوت األمرين‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬املسبوق إذا استخلف وعىل املستخلف سجود سهو فإنه يسجد آخر صالة اإلمام سجديت السهو‪ ،‬ويسجد من‬
‫خلفه ثم يقوم ويفارقونه‪ ،‬ذكره القايض حسني عند كيفية اجللوس يف التشهد‪ ،‬وتشرتط له النية؛ ألن نية الصالة مل‬
‫تشمله‪ ،‬وال يطلب بعده تشهد كام علم مما مر‪.‬‬
‫ فإن سلم عمدا‪ ،‬أي ذاكرا للسهو فات السجود يف األصح ألنه قطع الصالة بالسالم‪ ،‬و القول‬‫الثاين‪ :‬أن العمد كالسهو‪.‬‬
‫ فإن قرص الفصل سجد وإال فال يسجد للسهو‪ .‬ولو سهوا وطال الفصل عرفا فات السجود يف‬‫اجلديد لفوات املحل بالسالم وتعذر البناء بالطول‪ ،‬بخالف القديم يف السهو بالنقض‪ ،‬فال‬
‫يفوت عليه ألنه جربان عبادة‪ ،‬فيجوز أن يرتاخى عنها كجربانات احلج ‪،‬وإن مل يطل الفصل ومل‬
‫يرد السجود فال سجود لعدم الرغبة فيه فصار كاملسلم عمدا يف أنه فوته عىل نفسه بالسالم‪ .‬فإن‬
‫أراده فال يفوت عىل النص لام تقدم من احلديث املحمول عىل ذلك‪ ،‬وقيل‪ :‬يفوت حذرا من‬
‫إلغاء السالم بالعود إىل الصالة‪.‬‬
‫‪ 20‬قوله بين تشهده وسالمه‪ :‬أي مع الذكر الذي بعده من الصالة على النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬والصالة على اآلل واألدعية‪( .‬مغني المحتاج إلى‬
‫معرفة معاني ألفاظ المنهاج ‪439/1‬‬
‫‪ 21‬صحيح البخاري‪ ،‬يف باب التشهد يف األوىل‪ ،‬رقم ‪ ،829‬و صحيح مسلم‪ ،‬يف باب السهو يف الصالة والسجود له‪ ،‬رقم ‪570‬‬
‫‪18‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو سلم من اجلمعة فخرج الوقت أو سلم القارص فنوى اإلقامة‪ ،‬أو بلغت سفينته دار إقامته فاته السجود فال‬
‫يأيت به لام فيه من تفويت اجلمعة يف الصورة األوىل‪ ،‬وفعل بعض الصالة بدون سببها يف الصورة الثانية‪ ،‬وصحت مجعته‬
‫وصالته املقصورة‪ ،‬ويفوت أيضا فيام لو رأى املتيمم الامء عقب السالم أو انتهت مدة املسح‪ ،‬أو خترق اخلف أو شفي‬
‫دائم احلدث أو نحو ذلك كام لو أحدث عقب سالمه فإنه ال يتداركه‪ ،‬وإن أمكنه الطهر يف احلال بأن كان واقفا يف ماء‬
‫وإذا سجد فيام إذا قرب الفصل عىل النص أو مع طوله عىل القديم صار عائدا إىل الصالة بال إحرام يف األصح‪ ،‬كام لو‬
‫تذكر بعد سالمه ركنا‪ .‬فلو أحدث فيها بطلت صالته أو نوى القارص يف سجوده اإلمتام‪ ،‬أو بلغت فيه سفينته دار إقامته‬
‫لزمه اإلمتام وال يعيد التشهد بل يعيد السالم‪ .‬و القول الثاين‪ :‬ال يصري عائدا ألن التحلل حصل بالسالم‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫• هل معنى قول‪" :‬صار عائدا إىل الصالة" أنا نتبني بعوده إىل السجود أنه مل خيرج منها أصال أو أنه خرج منها ثم‬
‫عاد إليها؟ الصواب األول فإنه يستحيل اخلروج من الصالة ثم العود إليها بال نية وال تكبرية إحرام‪ ،‬وبه‬
‫رصح اإلمام احلرمني‪.‬‬
‫• أن سجود السهو وإن كثر سجدتان أي ألنه ُيرب ما قبله وما وقع فيه وبعده حتى لو سجد للسهو ثم سها قبل‬
‫سالمه بكالم أو غريه أو سجد للسهو ثالثا سهوا فال يسجد ثانيا؛ ألنه ال يأمن وقوع مثله يف السجود ثانيا‬
‫فيتسلسل‪ .‬قال الدمريي‪ :‬وهذه املسألة التي سأل عنها أبو يوسف الكسائي لام ادعى أن من تبحر يف علم‬
‫اهتدى به إىل سائر العلوم‪ ،‬فقال له‪ :‬أنت إمام يف النحو واألدب فهل هتتدي إىل الفقه؟ فقال‪ :‬سل ما شئت‪،‬‬
‫فقال‪ :‬لو سجد سجود السهو ثالثا هل يلزمه أن يسجد؟ قال‪ :‬ال؛ ألن املصغر ال يصغر لكنه قد يتعدد صورة‪.‬‬
‫ولو سها إمام اجلمعة وسجدوا للسهو فبان فوهتا أمتوا ظهرا وسجدوا ثانيا آخر الصالة لتبني أن السجود األول ليس يف‬
‫آخر الصالة‪ .‬ولو ظن أو اعتقد ‪-‬كام قال اإلمام احلرمني‪ -‬سهوا فسجد فبان عدم السهو سجد يف األصح ألنه زاد‬
‫سجدتني سهوا‪ ،‬وضابط هذا أن السهو يف سجود السهو ال يقتيض السجود كام مر‪ ،‬والسهو به يقتضيه‪ ،‬و القول الثاين ‪:‬‬
‫ال؛ ألن سجود السهو ُيرب كل خلل يف الصالة فيجرب نفسه كام ُيرب غريه كإخراج شاة من أربعني تزكي نفسها وغريها‪،‬‬
‫ولو سجد يف آخر صالة مقصورة فلزمه اإلمتام سجد ثانيا‪ ،‬فهذا ما يتعدد فيه السجود صورة ال حكام‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫مسألة ‪ :‬سجود السهو للمأموم و املسبوق‬
‫• سهو املأموم حال قدوته احلسية‪ ،‬كأن سها عن التشهد األول‪ ،‬أو حال قدوته احلكمية كأن سهت الفرقة‬
‫الثانية يف ثانيتها من صالة ذات الرقاع حيمله إمامه «لقوله ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬اإلمام ضامن»‪ 22‬رواه‬
‫أبو داود وصححه ابن حبان‪ .‬قال الاموردي‪ :‬يريد بالضامن ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬أنه يتحمل سهو املأموم كام يتحمل‬
‫اجلهر والسورة وغريمها‪ ،‬وألن معاوية شمت العاطس‪ ،‬وهو خلف النبي ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬كام مر ومل‬
‫يسجد وال أمره ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم – بالسجود‪ .‬واحرتز بحال القدوة عن سهوه ‪ :‬قبل القدوة‪ ،‬كام لو‬
‫سها وهو منفرد ثم اقتدى به فال يتحمله‪.‬‬
‫• فلو ظن املأموم سالم اإلمام‪ ،‬فسلم املأموم فبان خالف ظنه سلم معه أو بعده وهو أوىل؛ ألنه ال ُيوز تقديمه‬
‫عىل سالم إمامه وال سجود لسهوه حال القدوة فيتحمله إمامه‪.‬‬
‫• ولو ذكر املأموم يف آخر صالته يف تشهده أو قبله أو بعده ترك ركن تركه بعد القدوة‪ ،‬وال يعرف ما هو لكنه‬
‫غري النية والتكبرية لإلحرام مل يعد لتداركه لام فيه من ترك املتابعة الواجبة‪ ،‬و قام بعد سالم إمامه إىل ركعته‬
‫التي فاتت بفوات الركن وال يسجد لوجود سهوه حال القدوة‪.‬‬
‫وخرج بذلك ‪ :‬ما لو شك يف ترك الركن املذكور فإنه يأيت به ويسجد للسهو‪ ،‬وإنام مل يتحمله عنه اإلمام ألنه‬
‫شاك فيام أتى به بعد سالم إمامه‪ ،‬كام لو شك املسبوق هل أدرك ركوع اإلمام أم ال فقام وأتى بركعة فإنه‬
‫يسجد للرتدد فيام انفرد به‪ ،‬ولو تذكر بعد القيام أنه أدرك الركوع؛ ألن ما فعله مع تردده فيام ذكر حمتمل‬
‫للزيادة‪.‬‬
‫• سهو املأموم بعد سالم إمامه ال حيمله إمامه مسبوقا كان أو موافقا النتهاء القدوة كام ال حيمل اإلمام سهوه‬
‫قبل القدوة كام مر‪.‬‬
‫• فلو سلم املسبوق بسالم إمامه فذكره حاال بنى عىل صالته وسجد ألن سهوه بعد انقطاع القدوة‪.‬‬
‫• فإن ظن املسبوق بركعة مثال سالم إمامه فقام وأتى بركعة قبل سالم إمامه مل حتسب لفعلها يف غري موضعها‪،‬‬
‫فإذا سلم إمامه أعادها ومل يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة‪ .‬ولو علم يف القيام أنه قام قبل سالم إمامه لزمه أن‬
‫‪22‬‬
‫سنن أيب داود‪ ،‬يف باب ما ُيب عىل املؤذن من تعاهد الوقت‪ ،‬رقم ‪517‬‬
‫‪20‬‬
‫ُيلس‪ ،‬ولو جوزنا مفارقة اإلمام؛ ألن قيامه غري معتد به‪ ،‬فإذا جلس ووجده مل يسلم إن شاء فارقه وإن شاء‬
‫انتظر سالمه‪ ،‬فلو أمتها جاهال باحلال ولو بعد سالم اإلمام مل حتسب‪ ،‬فيعيدها لام مر ويسجد للسهو للزيادة‬
‫بعد سالم اإلمام‪ .‬ولو نطق بالسالم ومل ينو اخلروج من الصالة ومل يقل‪ :‬عليكم‪ ،‬مل يسجد لعدم اخلطاب‬
‫والنية‪ .‬فإن نوى اخلروج ومل يقل‪ :‬عليكم‪ ،‬سجد‪.‬‬
‫سهو إمامه غري املحدث‪ ،‬وإن أحدث اإلمام بعد ذلك لتطرق اخللل لصالته من صالة إمامه‪،‬‬
‫• ويلحق املأمو َم ج‬
‫ولتحمل اإلمام عنه السهو‪ .‬أما إذا بان إمامه حمدثا فال يلحقه سهوه وال يتحمل هو عنه‪ ،‬إذ ال قدوة حقيقة‬
‫حال السهو‪.‬‬
‫‪ o‬فإن سجد إمامه لزمه متابعته وإن مل يعرف أنه سها محال عن أنه سها‪ ،‬بل لو اقترص عىل سجدة سجد‬
‫املأموم أخرى محال عىل أنه سها أيضا‪ ،‬وهذا السجود لسهو اإلمام ال ملتابعته‪ .‬ولو ترك املأموم‬
‫املتابعة عمدا بطلت صالته ملخالفته حال القدوة‪ ،‬وهذا بخالف ما لو قام اإلمام إىل خامسة ناسيا مل‬
‫ُيز للمأموم متابعته محال عىل أنه ترك ركنا من ركعة وإن كان مسبوقا؛ ألن قيامه إىل خامسة مل يعهد‬
‫بخالف سجوده فإنه معهود لسهو إمامه‪.‬‬
‫‪ o‬وأما متابعة املأمومني له ‪ -‬صىل اهلل عليه وسلم ‪ -‬يف قيامه للخامسة يف صالة الظهر فألهنم مل‬
‫يتحققوا زيادهتا ألن الزمن كان زمن الوحي وإمكان الزيادة والنقصان‪ ،‬وهلذا قالوا‪ :‬أزيد يف الصالة‬
‫يا رسول اهلل‪ ،‬وال يشكل ذلك من أن املسبوق إذا رأى اإلمام يف التشهد ينوي اجلمعة الحتامل أن‬
‫يكون نيس شيئا يلزمه به ركعة؛ ألنه إنام يتابعه فيام سيأيت إذا علم ذلك كام قال الشيخ شهاب الدين‬
‫الرمّل‪ ،‬وهنا مل يعلم‪ .‬واستثنى ما إذا تيقن غلط اإلمام يف ظنه سبب سجود السهو كأن ظن ترك‬
‫بعض يعلم املأموم فعله قال الرافعي و النووي‪ :‬فال يوافقه إذا سجد‪ .‬قال بعض املتأخرين‪ :‬وهو‬
‫مشكل تصويرا وحكام واستثناء فتأمله؛‬
‫▪ وجه إشكال تصويره ‪ :‬كيف يعلم املأموم أن اإلمام يسجد لذلك؟ جوابه ‪ :‬أن يغلب عىل‬
‫ظنه أنه يسجد لذلك وهو كاف‬
‫‪21‬‬
‫▪ ووجه إشكال حكمه ‪ :‬أنه إذا سجد اإلمام ليشء ظنه سها به وتبني خالفه يسجد لذلك‪،‬‬
‫وإذا سجد ثانيا لزم املأموم متابعته‪ .‬وجوابه ‪ :‬أنه ال يسجد معه أوال‪ ،‬وإن سجد معه ثانيا‪،‬‬
‫▪ ووجه إشكال استثنائه ‪ :‬أن هذا اإلمام مل يسه فكيف يستثنى من سهو اإلمام‪ .‬وجوابه ‪ :‬أنه‬
‫استثناء صورة‬
‫• وإن مل يسجد إمامه بأن تركه عمدا أو سهوا أو اعتقادا منه أنه بعد السالم‪ ،‬فيسجد املأموم بعد سالم عىل‬
‫النص اإلمام جربا للخلل‪ ،‬بخالف تركه التشهد األول أو سجدة التالوة‪ ،‬فال يأيت املأموم هبام؛ ألهنام يقعان‬
‫خالل الصالة‪ ،‬فلو انفرد هبام خلالف اإلمام‪ .‬ويف قول خمرج ‪ :‬ال يسجد‪ ،‬ألنه مل يسه وإنام سها اإلمام وسجوده‬
‫معه كان للمتابعة‪ ،‬فإذا مل يسجد املتبوع فالتابع أوىل‪.‬‬
‫• لو ختلف بعد سالم إمامه ليسجد‪ ،‬فعاد اإلمام إىل السجود مل يتابعه عىل النص‪ ،‬سواء أسجد قبل عود إمامه أم‬
‫ال لقطعه القدوة بسجوده يف األوىل‪ ،‬وباستمراره يف الصالة بعد سالم إمامه يف الثانية‪ ،‬بل يسجد فيهام منفردا‪،‬‬
‫بخالف ما لو قام املسبوق ليأيت بام عليه‪ ،‬فالقياس كام قال اإلسنوي لزوم العود للمتابعة‪ ،‬والفرق أن قيامه‬
‫لذلك واجب وختلفه ليسجد خمري فيه‪ ،‬وقد اختاره فانقطعت القدوة‪.‬‬
‫‪ o‬فلو سلم املأموم معه ناسيا فعاد اإلمام إىل السجود لزمه موافقته فيه ملوافقته له يف السالم ناسيا‪ ،‬فإن‬
‫ختلف عنه بطلت صالته عند عدم املنايف للسجود‪ ،‬و من ذلك املنايف ‪ :‬لو أحدث أو نوى اإلقامة‬
‫وهو قارص‪ ،‬أو بلغت سفينته دار إقامته أو نحو ذلك‪ .‬وإن سلم عامدا فعاد اإلمام مل يوافقه لقطعه‬
‫القدوة بسالمه عمدا‪.‬‬
‫• ولو اقتدى مسبوق بمن سها بعد اقتدائه‪ ،‬وكذا قبله يف األصح وسجد اإلمام‪،‬‬
‫‪ o‬فالصحيح ‪ :‬يف الصورتني أنه املسبوق يسجد معه رعاية للمتابعة ثم يسجد أيضا يف آخر صالته ألنه‬
‫حمل السهو الذي حلقه‪.‬‬
‫‪ o‬ومقابل الصحيح ‪ :‬ال يسجد معه نظرا إىل أن موضع السجود آخر الصالة‪،‬‬
‫‪ o‬ويف قول يف الصورة األوىل‪ ،‬ووجه يف الصورة الثانية يسجد معه متابعة‪ ،‬وال يسجد يف آخر صالة‬
‫نفسه وهو املخرج السابق‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ o‬ويف وجه يف الصورة الثانية هو مقابل األصح أنه ال يسجد معه وال يف آخر صالة نفسه ألنه مل حيرض‬
‫السهو‪.‬‬
‫• ولو قام إمامه خلامسة ناسيا ففارقه بعد بلوغ حد الراكعني ال قبله سجد للسهو كاإلمام‪.‬‬
‫• لو كان إمامه حنفيا فسلم قبل أن يسجد للسهو سجد املأموم قبل سالمه اعتبارا بعقيدته‪ ،‬وال ينتظره ليسجد‬
‫معه؛ ألنه فارقه بسالمه‪ ،‬وقيل‪ :‬يتبعه يف السجود بعد السالم‪ ،‬وقيل‪ :‬ال يسلم إذا سلم اإلمام بل يصرب‪ ،‬فإذا‬
‫سجد سجد معه‪ .‬هذا إذا كان موافقا‪،‬‬
‫• أما املسبوق فيخرج نفسه ويتم لنفسه ويسجد آخر صالته‪ .‬وظاهر هذا أنه ينوي املفارقة إذا قام ليأيت بام عليه‪.‬‬
‫والظاهر أنه ال حيتاج إىل نية مفارقة لقوهلم‪ :‬وتنقيض القدوة بسالم اإلمام فإن مل يسجد اإلمام يف الصورتني‬
‫سجد املسبوق آخر صالة نفسه عىل النص‪ ،‬ومقابله ‪ :‬القول املخرج السابق‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫املراجع‬
‫كتب احلديث و املسانيد‬
‫‪.1‬‬
‫اجلامع املسند الصحيح املخترص من أمور رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم وسننه وأيامه = صحيح‬
‫البخاري‪ ،‬حممد بن إسامعيل أبو عبدالله البخاري اجلعفي‪ ،‬حممد زهري بن نارص النارص‪ ،‬دار طوق النجاة‬
‫(مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم حممد فؤاد عبد الباقي)‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪1422 ،‬هـ‬
‫‪.2‬‬
‫املسند الصحيح املخترص بنقل العدل عن العدل إىل رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم‪ ،‬مسلم بن احلجاج‬
‫أبو احلسن القشريي النيسابوري (املتوىف‪261 :‬هـ)‪ ،‬ت‪ .‬حممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار إحياء الرتاث العريب ‪-‬‬
‫بريوت‬
‫‪.3‬‬
‫السَ َِج ْستاين‬
‫سنن أيب داود‪ ،‬أبو داود سليامن بن األشعث بن إسحاق بن بشري بن شداد بن عمرو األزدي ِّ‬
‫(املتوىف‪275 :‬هـ)‪ ،‬ت‪ .‬حممد حميي الدين عبد احلميد‪ ،‬املكتبة العرصية‪ ،‬صيدا – بريوت‬
‫كتب الفقه الشافعي‬
‫‪.4‬‬
‫فتح القريب املجيب يف رشح ألفاظ التقريب‪ ،‬حممد بن قاسم بن حممد بن حممد‪ ،‬أبو عبد اهلل‪ ،‬شمس‬
‫الدين الغزي‪ ،‬ويعرف بابن قاسم وبابن الغرابيّل (املتوىف‪918 :‬هـ)‪ ،‬بعناية‪ :‬أمحد الشاذل‪ ،‬اجلفان واجلايب‬
‫للطباعة والنرش‪ ،‬دار ابن حزم للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬بريوت – لبنان‪ ،‬الطبعة‪ :‬األوىل‪ 1425 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 2005‬م‬
‫‪.5‬‬
‫الفقه املنهجي عىل مذهب اإلمام الشافعي رمحه اهلل تعاىل‪ ،‬الدكتور مصطفى ِ‬
‫اخل ْن و الدكتور جمصطفى‬
‫ج‬
‫الرشبجي‪ ،‬دار القلم للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ 1413 ،‬هـ ‪ 1992 -‬م‬
‫ال جبغا و عّل ّ ْ‬
‫‪.6‬‬
‫مغني املحتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬حممد بن أمحد اخلطيب الرشبيني الشافعي‬
‫(املتوىف‪977 :‬هـ)‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‪1415 ،‬هـ ‪1994 -‬م‬
‫‪.7‬‬
‫منهاج الطالبني وعمدة املفتني يف الفقه‪ ،‬أبو زكريا حميي الدين حييى بن رشف النووي (املتوىف‪676 :‬هـ)‪،‬‬
‫ت‪ .‬عوض قاسم أمحد عوض‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل‪1425 ،‬هـ‪2005/‬م‬
‫‪24‬‬
‫‪.8‬‬
‫املنهاج القويم‪ ،‬أمحد بن حممد بن عّل بن حجر اهليتمي السعدي األنصاري (املتوىف‪974 :‬هـ)‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل ‪1420‬هـ‪2000-‬م‬
‫كتب املعاجم و املصطلحات‬
‫‪.9‬‬
‫معجم املصطلحات واأللفاظ الفقهية‪ ،‬د حممود عبد الرمحن عبد املنعم‪ ،‬النارش‪ :‬دار الفضيلة‬
‫‪ .10‬املعجم الوسيط‪ ،‬جممع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬إبراهيم مصطفى و أمحد الزيات و حامد عبد القادر و حممد‬
‫النجار‪ ،‬دار الدعوة‬
‫‪25‬‬
Download